Image Not Found

النموذج الجديد للوظائف

محسن بن مرتضى اللواتي – الرؤية

تخيلوا لو كان عامل القبول في الوظيفة يعتمد على أساس المهارة والموهبة ولا يعتمد على حيازة المرء للشهادة الأكاديمية فقط أو أنَّه لا يعتبر عدم حصوله على الشهادة الأكاديمية عائقاً للتوظيف أو الحصول على فرصة عمل في مؤسسة مُمتازة وبراتب أو أجر مادي جيد، يبدو أنَّ هذا الخيال أو أنَّ هذه الفكرة غير الواقعية أو غير المعقولة أصبحت منطقية ومقبولة صدَّق أو لا تصدِّق! خاصة في هذا الزمن يبدو أنَّ الوضع قد تغير ففي الولايات المُتحدة الأمريكية وخاصة بعد صدور قرار من البيت الأبيض يُفيد بأنَّ التعيين الفيدرالي أو الحكومي لم يعد يتقيد بحصول المرء على الشهادة الأكاديمية فقط،حيث يتم قياس مهارات وموهبة المرء قبل كل شيء.

وكيف لقرار مثل هذا أن يُؤثر على أغلب دول العالم بما فيها دول العالم الثالث، وكيف يُمكن لنا إعداد وتجهيز جيل من الشباب والشابات لسوق العمل وذلك عندما تصل موجة ذلك القرار إلينا.

منذ تاريخ 26 يونيو 2020م، وهو تاريخ صدور هذا القرار من البيت الأبيض في هذا الشأن لم أشعر أو أرى الصدى المطلوب إعلامياً للتنويه إلى أهمية ذلك القرار المستقبلي على سوق العمل الخاص بمنطقتنا وذلك في ظل انشغال الدول والناس بالتعامل مع الآثار التي خلفها انتشار وباء جائحة كوفيد19، حيث أرى ضرورة تسليط الضوء على هذا الموضوع في مختلف وسائل الإعلام وذلك لتوعية الناس في الوقت الحاضر والمستقبل القريب بالأهمية البالغة له، حيث إنَّ هذا القرار جاء تماشياً مع قرارات قد اتخذتها شركات عالمية عملاقة مثل شركة Google و Apple وUber وIBM وغيرها من الشركات العالمية العملاقة وهو أن عدم الحصول على المؤهل الأكاديمي ليس عائقاً أمام من يرغب بالتوظف بها طالما أن المُتقدم لشغل الوظيفة يمتلك المهارات اللازمة والموهبة لشغل الوظيفة.

كما يعلم الجميع ولا يخفى على أحد أنَّ الاقتصار في التعيين لشغل الوظائف على المؤهل الأكاديمي فقط دون الأخذ في الاعتبار المهارة والموهبة المطلوبة لشغل الوظيفة هو ليس النموذج الأفضل في التعيين لأنه في السنوات القليلة الماضية قد اكتسب الكثير من الناس حول العالم ولاسيما من فئة الشباب مهارات مع أنفسهم وذلك بواسطة التعليم عن بُعد في ظل التطور الهائل بوسائل الاتصال والتقنيات الحديثة، ولكن بالرغم من ذلك ومع الأسف هؤلاء الشباب غير حائزين على شهادات تُؤيد أو تثبت المهارات التي تمَّ اكتسابها من خلال التعلم عن بعد وهذا كان عائقا قويا وحقيقيا ولفترة زمنية ليست بالبعيدة لعملية توظيف هؤلاء الشباب والشابات الماهرين الموهوبين.

أما الآن في ظل ما يشهده العالم من توسع كبير لعملية التعليم عن بعد للمهارات المطلوبة بواسطة التكنولوجيا المتطورة والحديثة ظهرت وظائف أو فرص عمل لم تكن موجودة من قبل ولا توجد أيضاً كليات أكاديمية تقدم فيها البرامج المطلوبة لنيل الشهادات المطلوبة والوظائف المستجدة هي مثل:-

1. SOCIAL MEDIA MANAGER

2. DIGITAL MARKETING SPECIALIST

3. APP DEVELOPER

4. UX DESIGNER

4. BIG DATA ANALYST

5. SEO SPCIALIST

والقائمة تطول والجدير بالذكر بأنَّ أولئك الذين يعملون في تلك الوظائف أعلاه وغيرها في الوقت الحالي لا يمتلكون الشهادة الأكاديمية المتخصصة والتي تؤكد وتؤيد أنهم يمتلكون للمهارات والموهبة المطلوبة وذلك لعدم تواجد الدراسة الأكاديمية بشكل متخصص بعد في الجامعات والكليات وهذا يعود في الأساس إلى أنَّ سوق العمل يتحدث باستمرار حول الوظائف المطلوبة بسبب التطور التكنولوجي الهائل والتعليم الأكاديمي في المُقابل ليس بمقدروه مواكبة هذا التطور البالغ والمتسارع ولا حتى أن يُجاريه في السنوات القليلة الماضية وحتى اليوم ومع توقع استمرار هذا الوضع أيضاً في المستقبل القريب على الأقل في ظل التطور التكنولوجي في مجال التعليم عن بُعد، وحيث يتطلب ويقتصر التعيين في تلك الوظائف المهمة أعلاه وغيرها على قياس المهارة والموهبة فقط أو من خلال عرض الأعمال على منصات التواصل الاجتماعي وإن نالت إعجاب المؤسسة المتهمة بتلك الأعمال سيتم عرض الوظيفة على صاحب تلك الأعمال وتوقيع عقد عمل معه وهذا بغض النظر عن تخصصه الجامعي الحائز عليه أو آخر شهادة علمية قد تمَّ حيازاتها وهذا النموذج من التعيين المختلف تماماً عن النموذج التقليدي السابق للوظائف التقليدية القديمة والذي لا يمكن الاستغناء عنه هو الآخر أيضًا في عملية التوظيف والذي لا يتم إلا من خلال الحصول على شهادات أكاديمية تثبت ذلك مثل تخصصات الطب والصيدلة وطب الأسنان والتمريض… إلخ وأيضاً مثل كليات الهندسة وخاصة المتعلقة بالمعمار وغيرها حيث إن الوقوع في أي خطأ بسيط لا قدر الله ناتج عن عدم دراية سوف يتسبب بوقوع مصيبة قد لا يحمد عقباها، ومع ذلك يوجد تطور في كليات الهندسة في العالم لفرع المتخصص بالتكنولوجيا ونظم المعلومات والشبكات … إلخ والتطور الحاصل به في سوق العمل والمنصات العلمية أونلاين أكسب الكثير من الشباب والشابات حول العالم مهارات إضافية على تخصصهم بدون الحاجة لخوضهم لدراسة أكاديمية متخصصة أخرى مقدمة من كليات الهندسة عموماً.

والخلاصة أنَّ التطور التكنولوجي الهائل في تقنيات الاتصال الحديثة قد أحدث وجود الكثير من الوظائف وفرص العمل التي لم تكن في السابق وأن تعلم واكتساب المعرفة والمهارات اللازمة لها أصبح متاحاً للكثيرين لتعلمها عن بعد أو التعليم الذاتي وقد سبق الجامعات والكليات بتقديمها للطلاب من خلال الدراسة عن بعد بواسطة التكنولوجيا الحديثة في تقنيات الاتصال بعد، وأن سوق العمل ومتطلباته بسبب ذلك التطور قد أفرز وسيفرز المزيد من الوظائف وفرص العمل في حالة استمرارية هذا التطور التكنولوجي المتسارع في الاتصال والتعليم عن بعد وحيث إنه من المنطقي أن يتم تعيين النَّاس به وفقاً للنموذج الجديد للتعيين بالوظائف المناسبة له والتي تعتمد على معرفة المرء لتطبيق المهارات اللازمة مع قياس الموهبة التي يملكها لينال وظيفة أو فرصة العمل بجدارة وكما أنَّ هذا النموذج الجديد سيكون أقل تكلفة مادية على الحكومات والمُؤسسات المشرفة على تنفيذه وعلى طلابه وحيث إنَّ كلفة البرنامج العلمي عن بعد زهيدة للغاية بالمُقارنة مع الكلفة المالية للفصل الدراسي المقدم من الجامعة أو الكلية الأكاديمية مما يعني أنَّ هذا النموذج في التعيين هو الاختيار العملي والأسرع للتوظيف بالوظائف الحديثة المناسبة له.